يختلف كل نوع من الحيوانات عن الأنواع الأخرى؛ فلكل نوع طريقة حياته الخاصة التي تتواءم مع المكان الذي يعيش فيه، الغذاء الذي يأكله. ومع ذلك يتشابه كثير من الحيوانات في أشياء معينة. فبعضها يُربى كحيوانات مدللة في المنازل، وبعضها الآخر يُربى لإنتاج اللحوم، وبعض الحيوانات وحشي (فطري). وتعيش بعض الحيوانات في البر وبعضها في الماء. ويمكن تصنيف الحيوانات بطرق عديدة أخرى، تعتمد على التشابه فيما بينها، مثل عدد الأرجل لدى كل منها. ويعد تصنيف الحيوانات حسب التشابه فيما بينها، من الطرق الجيدة المستعملة في تقسيم المملكة الحيوانية إلى مجموعات كبيرة معدودة. ولكن الدراسة العلمية للحيوانات تتطلب اهتماماً أكبر، حيث يُصنفها علماء الحيوان إلى مجموعات اعتماداً على صفاتها الجسمية الخاصة.
الحيوانات المستأنسة والحيوانات الوحشية
صُنفت الحيوانات إلى أليفة ووحشية حسب تعاملها مع البشر. فالكلب الذي لا يَعُض ولا يهرب إذا حاول أحدٌ ملاطفته، حيوان أليف؛ وكذلك الحصان الذي لا يرفس، والقط الذي لا يخدش، والطائر الذي يجلس على يد الإنسان. أمّا الحيوانات الوحشية فهي تخشى الاقتراب من البشر. والغالبية العظمى من الحيوانات وحشية، ويمكن استئناس بعضها، ولكنها كثيراً ما تعود إلى طبيعتها مرة أخرى. وقد استؤنس عدد قليل من أنواع الحيوانات الوحشية بأعداد كبيرة، وأكثرها من الحيوانات المدللة المنزلية أو حيوانات المزارع.
الحيوانات البرية والحيوانات المائية
تقسم غالبية الحيوانات إلى مجموعتين كبيرتين، حسب البيئة التي تعيش فيها. فبعضها بري يعيش في البر، وبعضها الآخر مائي يعيش في الماء. وتضم الحيوانات البرية أنماطاً عدة من الحيوانات، مثل القردة العظمى والفراشات والعقبان والأفيال والخيول والحمام والعناكب. كما تضم الحيوانات المائية مخلوقات متباينة مثل الشعب المرجانية (الشكل الرقم 30 )، والإسفنج بأنواعه (الشكل الرقم 31 )، والمحار الحلزوني (الشكل الرقم 32 )، والأسماك (الأشكال الأرقام 1 ، 2 ، 3 )، والكركند (جراد البحر) (الشكل الرقم 33 )والحيتان.
ويمضي بعض الحيوانات مثل اليعَّاسيب والضفادع (الشكل الرقم 4 ) والسرطان حدوة الحصان (السلطان الملك) والسَّمنْدر والسلاحف، جزءاً من حياته في البر وجزءاً في الماء.
الحيوانات متساوية الأرجل
قد يصنف العديد من الحيوانات حسب عدد أرجلها، وكل حيوان من ذوي الأرجل يكون لديه رجلان أو أربع أو ست أو ثماني أو عشر أو مئات الأرجل. وتُكَوِّن الخفافيش والطيور غالبية الحيوانات ذات الرجلين، بينما تشمل ذوات الأربع الحيوانات المألوفة مثل القطط والأبقار والكلاب والضفادع والأسود والنمور. وكل أنواع الحشرات لديها ستة أرجل (الأشكال الأرقام 34 ، 35 ، 36 )، ولدى العناكب ثمانية أرجل، بينما يصل عدد الأرجل لدى بعض الحيوانات إلى أكثر من مائة رجل (الشكل الرقم 38 ). والعديد من الحيوانات مثل الأسماك والديدان، ليس لديها أرجل على الإطلاق.
الحيوانات ذات الدم الحار، والحيوانات ذات الدم البارد
تبقى حرارة أجسام بعض الحيوانات ثابتة دون تغيير في كل الأوقات، وتسمى الحيوانات ذات الدم الحار. وتكون درجة حرارة أجسامها في معدلٍ ثابت، في الأيام الحارة والباردة.
وأمّا الحيوانات التي تتغير درجة حرارة أجسامها من وقت لآخر، فتسمى الحيوانات ذات الدم البارد. وتكون درجة حرارة أجسامها مرتفعة في الجو الساخن، منخفضة في الجو البارد. ويندر أن تختلف درجة حرارة أجسام هذه الحيوانات، عن درجة حرارة الوسط الموجودة فيه.
وتمثل الطيور والثدييات (أو الحيوانات اللبونة أو الحيوانات التي تربي صغارها على حليب الأمهات) الحيوانات ذات الدم الحار، بينما بقية الحيوانات الأخرى في المملكة الحيوانية تقريباً كلها من ذوات الدم البارد. وقد تضم الحيوانات ذات الدم البارد حيوانات ليس لديها دم على الإطلاق، مثل قنديل البحر والإسفنج (الشكل الرقم 31 ).
أهمية الحيوانات
يمثل كل نوع من أنواع الحيوان جزءاً مهماً من النظام الطبيعي الفريد. فالحيوانات تساعد على بناء الحياة، حيث تُمثل غذاءً للبشر وللنباتات. وهي في الوقت نفسه تحفظ التوازن الطبيعي، لأنها تتغذى على الحيوانات الأخرى والنباتات. وهذا التوازن مهم في الطبيعة، ويُسمى دورة الحياة.
وقد لا يستطيع البشر الحياة دون مساعدة الحيوانات. فالدور الذي تؤديه في حفظ التوازن الطبيعي، يُعد خدمة مقدرة للبشرية. فضلاً عن أن الحيوانات تمد الإنسان بعدد من الأغذية المختلفة، مثل اللحوم والألبان والبيض والعسل، والمنتجات المفيدة مثل الصوف والفراء والحرير.
وقد أحدث الإنسان منذ آلاف السنين تغييرات في عالم الحيوان، حين استأنس العديد من أنواعها واستغلها في إنتاج الأغذية والملابس المختلفة. كما قتل أو شرد الحيوانات التي كانت تهاجم أو تعوق استصلاح الأراضي. أما اليوم فالإنسان يسعى لحماية العديد من أنواع الحيوانات، التي عرضوها من قبل لخطر الانقراض.
وتعتمد معظم النباتات، مثلها مثل البشر، على الحيوانات في احتياجاتها الأساسية. فمن غير الحيوانات لا يستطيع العديد من النباتات التكاثر (أي ينتج أجيالاً جديدة من نوعه). وعلى سبيل المثال يعتمد العديد من النباتات الزهرية على النحل والحشرات الأخرى لحمل حبوب اللقاح من نبات إلى آخر.
كما ينمو عدد من أشجار البلوط من جوزات البلوط، التي دفنتها السناجب كمؤونة غذائية ونسيت المواقع التي دفنتها فيها. وبالمثل ينمو كثيراً من أشجار البلوط من الجوزات التي وطئتها الأيائل ودفنتها عميقاً في التربة. وأمّا الطيور فتطير من مكان إلى آخر، وتكون بذور النباتات غالباً معلقة بأرجلها. ونجد لبعض البذور أغلفة شائكة تتعلق بفراء الحيوانات، فتحملها لمسافات بعيدة تنمو فيها تلك البذور بعيداً عن النبات الأم.
والحيوانات تأكل النباتات أو تحطمها، وكلاها يعتمد على الآخر في غذائه، حيث تُكوِّن فضلات معظم الحيوانات أسمدة للنباتات. وبعد موت وتحلل الحيوانات والنباتات، فإنها تعيد إلى التربة المواد التي تُعين على النمو والحياة.
وبعض الحيوانات تغير من طبيعة بيئاتها بترسيب مواد صلبة في تلك البيئات. وهذا ما تفعله حيوانات المرجان مثلاً، بتكوينها للصخور الجيرية في بيئاتها من الجير، الذي تمتصه من مياه البحر لتكوين هياكلها الجيرية.
الحيوانات المساعدة للبشر
بدأت معرفة الإنسان بالحيوانات معتمداً عليها في غذائه. وربما كان الكلب هو أول الحيوانات التي استأنسها الإنسان ودربها للصيد. وبعد ذلك تعلم الإنسان استئناس الحيوانات التي كان يصيدها لطعامه. فمنذ حوالي أثنى عشر ألف عام مضت تم استئناس الأبقار في الأجزاء الجنوبية من جمهورية آسيا الوسطى، المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق. وفي الشرق الأقصى استأنس سكان التيبت Tibet حيوان الياك (ثور التيبت). واستأنس الهنود الحمر في أمريكا الجنوبية قطعاناً من حيوانات الألكة (الشكل الرقم 46 ) واللآما.
استأنس الإنسان الماعز والضأن أولاً للحومها، ثم تعلم الاستفادة من فرائها وجلودها وأصوافها لعمل الملابس والمساكن. وكذلك استؤنس الحصان أولاً للحمه، ثم تعلم الإنسان ركوبه والاستفادة منه في جر الأحمال والأثقال. واستؤنس الخنزير منذ حوالي ثمانية آلاف عام في العصر الحجري الحديث، كما استؤنس البعير في جنوبي شبه الجزيرة العربية، وفي بابل في العراق للركوب وحمل الأثقال. وقد كان الحمار مستئنساً في شمالي أفريقيا منذ حوالي خمسة آلاف عام مضت. واستأنس قدماء المصريين القط لحماية مخازن غلالهم من الفئران والجرذان.
وقد استخدمت الكلاب والفئران والقوارض في تجارب العلاج لكثيرٍ من الأمراض. ويختبر الأطباء العقاقير الجديدة في الحيوانات أولاً قبل استخدام الناس لها، كما تمد الحيوانات البشر بالكثير من العقاقير المهمة، مثل الإنسولين والأمصال التي تستخدم لمكافحة الأمراض، كما يمد النحل (الشكل الرقم 34 ) الإنسان بحاجته من العسل الأبيض الذي يستخدمه في غذائه وللاستشفاء.
الحيوانات الضارة بالبشر
إن معظم الحيوانات الوحشية لا تهاجم الإنسان إلاّ عندما تعجز عن الهروب منه، أو عند الدفاع عن صغارها. ولكن هناك القليل من الحيوانات، مثل الأسود والنمور المخططة، قد تفترس البشر، لكنها لا تفعل ذلك إلاّ إذا أصابها الصيادون، أو صارت طاعنة في السن، بحيث لا تستطيع صيد طرائدها المعتادة من الحيوانات الأخرى. وقد تقتات لحوم البشر حسب نهجها الطبيعي في تنوع الغذاء. ولكن التماسيح وأسماك القرش تقتات على أي لحم تجده عندما تكون جائعة. وتتسبب الثعابين السامة في موت البشر في كثير من أجزاء العالم. أمّا أخطر أعداء البشر من الحيوانات فهي الطفيليات، من بعض الحشرات والديدان والحيوانات الصغيرة الأخرى. ويعيش الطفيلي على سطح أو داخل أجسام الحيوانات الأخرى أو النباتات ويتغذى بها. وتشمل الطفيليات الحشرات ماصة الدماء، مثل البعوض وذباب التسي تسي اللذين ينقلان الأمراض الفتاكة. فالبعوض ينقل طفيل الملاريا (الشكل الرقم 39 ) والحمى الصفراء وأمراضاً أخرى، بينما ينقل ذباب التسي تسي (الشكل الرقم 40 ) مرض النوم، الذي يفتك بكثير من البشر. كما ينقل مرض الذبابة المميت للأبقار والخيول. أمّا البراغيث والقمل فتنقل أمراض الطاعون وحمى التيفوس.
وتسبب الطفيليات الدقيقة، التي تدخل أجساد البشر، العديد من الأمراض. وهناك أكثر من مائة نوع من الديدان المسببة للأمراض تعيش داخل أجسام البشر، مثل ديدان البلهارسيا (الشكل الرقم 41 ) والديدان الكبدية وديدان الإنكلستوما والديدان الشريطية المُفَلْطَحة والديدان الشعرية. وتتكون أجساد تلك الديدان ـ أساساً ـ من طبقات محدودة من الخلايا.